المحاكاة Simulation باستخدام الحاسب هي أحد الوسائل الحديثة المستخدمة لدراسة العمليات الصناعية والخدمية. المحاكاة -وهي أحد وسائل الهندسة الصناعية– تستخدم لدراسة مشاريع التطوير والاستثمار. تأمَّل المثال التالي:
أنت مدير مسئولٌ عن مصنعٍ به ماكينة واحدة. هذه الماكينة تستغرق 10 دقائق لتصنيع قطعة واحدة. ما الذي يحدث إذا استخدمنا ماكينة تحتاج خمس دقائق فقط لإنتاج قطعة واحدة؟
من اليسير أن نجيب بأن الإنتاج سيزيد إلى الضعف.
ماذا لو كانت هذه الماكينة تنتج منتج نصف مصنع ويتم استكمال التصنيع في ماكينة أخرى؟ في هذه الحالة يتوقف الإنتاج على الماكينة التي تستغرق وقتا أطول.
نحن هنا نفترض افتراضاُ لا يتحقق في أغلب الحالات. نحن نفترض أن وقت التشغيل هو وقت ثابت. في الواقع يختلف وقت التشغيل من قطعة لأخرى وكذلك تحدث أعطال في الماكينة بشكل عشوائي وبعض المنتجات تكون معيبة وقد تحتاج إعادة تشغيل. بالإضافة لذلك فإن كثير من العمليات تتكون من عدد من العمليات التشغيلية –والتي قد تختلف من منتج لآخر- وعمليات نقل مواد خام ونصف مصنعة عن طريق معدات نقل مختلفة. عندما ننظر إلى العملية الإنتاجية بهذا الشكل الواقعي نجد أن هناك كثير من الحالات التي لا يمكن دراستها بحلول رياضية وهنا تظهر قيمة استخدام المحاكاة
باستخدام الحاسب يمكننا أن نحاكي العملية الصناعية أو الخدمية. هذه المحاكاة تمكننا من دراسة نتائج تشغيل العملية لمدة أيام في دقائق معدودة وتمكننا من تحديد المناطق الحرجة في العملية وتأثير إحداث تغييرات في أسلوب العمل أو زيادة معدات أو أفراد.
المحاكاة ليست أسلوبا جديدا، فكثيرا ما نستخدم المحاكاة الحقيقية لاتخاذ قرار ما. فقد نقوم باستخدام أسلوب عمل جديد لمدة ثلاثة أيام على سبيل التجربة، ثم نقوم بتحليل نتائج مؤشرات الأداء خلال هذه الأيام لكي نقرر إن كان هذا الأسلوب مفيدا أم لا. ولكن هذا الأسلوب قد يتسبب في تكاليف عالية لأن تجربة أساليب العمل في الواقع قد تؤدي إلى خسائر عديدة. بالإضافة لذلك فبعض الأمور لا يمكن تجربتها إلا بعد الاستثمار في شراء معدات أو إنشاء مبنى. المحاكاة باستخدام الحاسب تمكننا من دراسة هذه المشاريع بدون المخاطرة بحدوث خسائر في الإنتاج أو مشاكل في مستوى الخدمة أو خسائر من شراء معدات لا تؤدي إلى النتائج المتوقعة.
لكي نقوم بمحاكاة عملية ما فإننا لابد أن نتفهم العملية جيدا وأن نقوم بتحديد البيانات التي نحتاجها ونقوم بتجميعها. لكي نحاكي العملية الإنتاجية فإننا نحتاج أن نجعل الحاسب يعرف خطوات العملية والأجزاء المكونة لها من معدات وخامات وأناس وأماكن. يوجد العديد من برامج المحاكاة التي تمكننا من إدخال هذه المعلومات بأسلوب غير معقد مثل برامج: ARENA أو ProModel
يتم إدخال البيانات بأسلوب يسمح للبرنامج بمحاكاة التغيرات المنتظمة والعشوائية التي تحدث في الواقع. لذلك فإننا عادة لا نستخدم المتوسط الحسابي للتعبير عن زمن عملية ما ولكننا نستخدم العديد من القياسات المختلفة لهذه العملية وهكذا بالنسبة للأزمنة الأخرى التي نستخدمها في محاكاة هذه العملية مثل أوقات التحميل وأوقات فحص المنتج و معدل حضور العملاء. إمكانية محاكاة التغيرات في أزمنة التشغيل والنقل وخلافه هي أحد المزايا الرئيسية لاستخدام المحاكاة.
قبل أن نبدأ في استخدام نموذج المحاكاة لدراسة العملية الإنتاجية أو الخدمية فلابد أن نتأكد أن النموذج يعطي نتائج جيدة. لذلك فإننا نبدأ بتشغيل النموذج على الحالة الموجودة حاليا ثم نقارن بعض النتائج بالنتائج الواقعية وفي حالة التطابق فإننا نطمئن إلى صحة النموذج. فمثلا قد نقارن حجم الإنتاج اليومي أو معدل الانتظار أو معدل المخزون وهكذا.
بعد التأكد من صحة النموذج يمكننا استخدامه لدراسة حالات عديدة ومقارنة نتائجها. فالمحاكاة تمكننا من الإجابة عن العديد من الأسئلة من نوع “ماذا لو …..” مثل: ماذا لو توقفت هذه الماكينة، ماذا لو أضفنا عامل فني ، ماذا لو عملنا بنصف العمالة، ماذا لو أضفنا سيارة أخرى، ماذا لو تم تقليل وقت التشغيل ون كذا ثانية إلى كذا ثانية…….كثير من برامج المحاكاة تمكننا كذلك من مشاهدة رسوم متحركة تعبر عن حركة المواد والأفراد والمعدات وهذه الرسومات تساعدنا في تتبع العملية وتحديد بعض نقاط الضعف. ولكن القيمة الأكبر للمحاكاة تكمن في البيانات الإحصائية التي نحصل عليها والتي تساعدنا على المقارنة بين أنظمة عمل مختلفة أو اقتراحات توسع مختلفة.
صعوبة استخدام المحاكاة تتمثل في الحاجة لشخص على دراية بأسلوب استخدامه، الحاجة لشراء برنامج، المجهود اللازم لتجميع البيانات اللازمة. على الجانب الآخر، فإن المحاكاة تساعدنا على دراسة مشاكل معقدة ومشاريع مكلفة مما يترتب عليه التأكد من جدوى الاستثمار أو الوصول إلى طريقة أفضل أو الوصول إلى عدم جدواه. من مميزات المحاكاة، أنه بمجرد بناء نموذج صحيح فإنه يمكننا استخدامه لدراسة حالات كثيرة في وقت قصير. فمثلا قد نحتاج شهر أو شهرين لبناء نموذج لعملية معقدة، ثم نحتاج إلى بضع ساعات لدراسة العديد من الحالات ومقارنتها. فيمكننا دراسة نتائج التشغيل خلال شهر في ربع أو نصف ساعة.
من الأمثلة التي تستخدم فيها المحاكاة
-
دراسة أفضل الطرق لتقليل وقت انتظار العملاء في السوبر ماركت (السوق التجاري)
-
دراسة الحاجة لشراء معدة جديدة أو تعيين عاملين جدد ومعرفة تأثير ذلك على مؤشرات الأداء
-
دراسة التخطيط المناسب لمستشفى أو مصنع أو مطعم
-
دراسة أسلوب تطوير عملية إدارية مثل عملية شراء خامات وقطع غيار في شركة ما
مجالات تطبيق المحاكاة تشمل
-
المصانع لدراسة العمليات الإنتاجية
-
المستشفيات لدراسة تنظيم أوقات عمل الأطباء والممرضين وللوصول إلى جدولة جيدة لغرف العمليات وغرفة الطوارئ
-
المحلات الكبرى لدراسة كيفية تيسير حركة مرور العملاء وتقليل أوقات الانتظار وتحديد الحاجة لموظفين خدمة عملاء
-
الملاعب الرياضية الكبيرة والمطارات والمستشفيات لدراسة حركة الأفراد والمرضى والطائرات وأوقات الانتظار
-
الطرق لدراسة سهولة مرور السيارات
-
أماكن التجمع الكبرى مثل المناسبات العالمية والحج لتيسير حركة مرور الحجاج وتقليل الازدحام والحوادث ودراسة الاقتراحات المختلفة لتغيير بعض المسارات مثل ما يحدث في رمي الجمرات
-
عمليات النقل البري والبحري لدراسة الاحتياج لزيادة معدات نقل والعائد من شرائها
مواضيع ذات صلة في هذا الموقع:
تحديات استخدام المحاكاة في العالم العربي
أمثلة توضيحية لاستخدامات المحاكاة
السلام عليكم استاذ سامح ممكن ايميلك للتواصل
Ar.appllications@gmail.com
[…] ناقشنا من قبل فإن المحاكاة هي أحد وسائل الهندسة الصناعية والتي تستخدم لدراسة […]
جزاك الله خير على هذا الشرح السهل الجميل
بارك الله فيك الاخ سامح
لقد زودتنا بمعلومات جيده
نسال الله ان نجد كل مانحتاجه
.
شكرا
شكرا أستاذ سامح بارك الله فيك على مجهوداتك ونفع الله بعلمك
أستاذي لدي سؤال لوسمحت أنا طالب إدارة هندسية وحالياً أدرس كورس مادة الإحصاء وطلب مني دكتور المادة كتابة ورقة عن مشكلة هندسية وطريقة حلها بأحدى الطرق الاحصائية المعروفة لكن حقيقة حتى هذه اللحظة لم تتبلور في ذهني أي فكرة فقط أحتاج لفكرة ربط الاحصاء بالهندسة في مشكلة هندسية ما بالأخص الهندسة المدنية فهل من رأي بارك الله فيك
ممكن تاخذ مشاكل خاصة بالمرور أو الطرق
وممكن تدرس مشكلة توزيع السكان في منطقة ما أو مشكلة وجود عيوب في منتج ما
شكرا
بارك الله فيك مهندس سامح الله يزيك من العلم ويوفقك
تحياتنا استاذ سامح
احب اهنيك على هذة المدزنات اللطيفة والمعمقة واؤد بعد اذنك اني ساتستخمها كمصادر للتدريس في معهدنا التطبيقي للتكنولوجيا وبالحقيقة لي طلب ان امكن نشر مواضيع حول السلامة المهنية ليكون هذا الموثع شاملا ولك كل التقدير
صلاح مهدي خليل
قسم المكائن والمعدات – معهد اعداد المدربين التقنيين
الأستاذ صلاح
شكرا على زيارتك لهذا الموقع ولا مانع من استخدام هذه المعلومات كأحد المصادر في التدريبز
ربما أكتب في موضوع السلامة المهنية في المستقبل إن شاء الله
شكرا
هل يوجد أماكن بمصر تعطي كورس في برنامج المحاكاه Abaqus وكيفية احترافه وأرجو اذا كان من الممكن عمل مقارنة بين برامج المحاكاه الموجودة بالسوق من جهة المميزات والعيوب
الأستاذ وليد
هناك فارق كبير بين محاكاة الأحداث المتقطعة Discrete Event Simulation وهو ما نتحدث عنه في هذه المقالة وبين المحاكة المتصلة Continuous Simulation وهو ما ينطبق على برنامج abaqus. فالأول يحاكي أحداثا متقطعة وهو ما يتطبق على محاكاة العمليات بصفة عامة والأخير يستخدم في التطبيقات الهندسية لدراسة السريان أو تغير الحرارة مع الوقت في جزء ما.
أظن أن الجهات التي تقدم دورات في المحاكاة هي قليلة جدا في مصر.
شكرا
الاستاذ سامح انا معجب جدا باسلوبك وطريقة طرحك لموضوع المحاكاه ومواضيعك الاخرى
وانا الان في صدد اعداد رسالة ماجستير بعنوان
اثر التدريب باستخدام المحاكاه على الاداء
امل منكم مساعدتي واثرائي بدراسات او مقالات او خلافة تتحدث عن موضوع الرسالة
شكر لك مقدما تعاونك واستجابتك
ابو ريان
مع الأسف لايمكنني المساعدة بهذا الشأن
شكرا
أنا أيضا سأقوم بترجمة هذه المقالة بعد اختصارها إلى اللغة الإنجليزية ،من بعد إذن الكاتب ،فهل يمكنني ذلك ؟ وسأشير إلى هذه الصفحة كمصدر بالطبع
.
وشكراً
السلام عليكم استاذ سامح
انا تدريسية في جامعة عراقية وانا بصدد عمل بحث في المحاكاة واحتاج ان اضيف هذا المقال الى الجانب النظري ولكن لابد ان نشير الى مصدر ككتاب او مجلة او موقع الكتروني ولكني لا اعرف هل الموقع الالكتروني لمدونة يختلف عنه لمنتدى فهل يتم الاخذ به كصدر؟؟
لذا اتمنى على حضرتكم ان تعلمني اذا كان هذا الموضوع ماخوذ من بحث قمت به او كتاب الفته حضرتك ليكون لدي اسمه وتأريخ نشره وفي اي مجلة تم نشره ليتسنى لي استخدامه كبحث
او هل من الممكن ان تكتب لي معلومات عن حضرتك لاضيفها مع المدونة مثل الماجستير في اي تخصص وسنة الحصول عليها ومن اي جامعة
مع شكري واعتزازي
الأستاذة بيفبان
هذه المقالات كتبتها خصيصا لهذا الموقع. المواقع الإلكترونية يمكن أن يشار لها كمصدر وإن كانت أقل قوة من الأبحاث والكتب كما أن الكتب أقل قوة من الأبحاث كما أن الأبحاث المنشورة في بعض المجلات هي أكثر قوة من غيرها. لا يتم الإشارة إلى مؤهلات الكاتب عادة وإنما يتم ذكر اسم الموقع والرابط وقد يذكر عنوان المقالة.
وإن كانت هذه المعلومات ستفيدك فهي كالآتي:
MSc, Imperial College, 1999
MBA, Rensselaer Polytechnic Institute, 2003
شكرا