وقف المدير يصلي القيام في أول ليلة من رمضان واستمع لأول جزء من القرآن الكريم
واستوقفته قصة سيدنا آدم واستغفاره عن أكله من الشجرة التي نهي عنها. فكر المدير في أنه منذ سنين يتقبل الرشوة تحت مسميات مختلفة وما فكر يوما في أن يتوب إلى الله ويعترف بذنبه بل فعل مثل إبليس وظل يتعلل بالأحوال والظروف. تذكر المدير كيف أنه في نفس اليوم تقبل رشوة بعد أدائه لصلاة الظهر مباشرة. تأثر المدير كثيرا وانسكبت منه دمعة على حاله.
وفي اليوم التالي ذهب المدير لعمله وجاءه دافع الرشوة كالمعتاد ولكن المدير فوجئ بأنه لا يستطيع أن يمد يده ويأخذها. وفي الأيام التالية جاءه من اعتادوا أن يدفعوا له الرشاوي فما قبل من أحد.
وقف المدير يصلي القيام في ثاني ليلة من رمضان واستمع لثاني جزء من القرآن الكريم
واستوقفه قوله تعالى “وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها”. فكر المدير في أنه منذ سنين وهو يترك العمل يسير من سيء إلى أسوأ وهو لا يبالي. تذكر المدير كيف أن إدارته كانت تتميز بالجد والاجتهاد وتحولت في عهده إلى مكان للإهمال واللامبالاة. وقال في نفسه: أنا من المفسدين في الأرض. تأثر المدير كثيرا وانسكبت منه دمعة على حاله.
وفي اليوم التالي ذهب المدير لعمله وبدأ يبحث عن المشاكل في العمل ويحاول حلها وبدأ يستمع لاقتراحات المرؤوسين وبدأ يستمع لشكاوى العملاء. ورويدا رويدا بدأ الحال يتغير وبدأت الحياة تدب في إدارة هذا المدير وبدأ يشعر باحترامه لنفسه.
وقف المدير يصلي القيام في ثالث ليلة من رمضان واستمع لثالث جزء من القرآن الكريم
واستوقفه قوله تعالى “لا يكلف الله نفساً إلا وسعها”. وفكر المدير في أنه يطلب من مرؤوسيه القيام بأعمال لا يقدرون عليها ويطلب من العمال العمل الشاق لساعات طويلة بلا راحة. وتذكر كيف أنهم يصر على قيام العاملين بأعمال خطيرة بدون وسائل سلامة صحيحة. وقال في نفسه: إن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها وأنا أكلف مرؤوسي ما لا يحتملون. ماذا أقول لربي حين يسألني عن ذلك؟ تأثر المدير كثيرا وانسكبت منه دمعة على حاله.
وفي اليوم التالي ذهب المدير لعمله وقرر أن يهتم بتدريب العاملين وأن ينظم فترات الراحات بحيث يستطيع العامل أن يعمل وهو قادر على العمل.
وقف المدير يصلي القيام في رابع ليلة من رمضان واستمع لرابع جزء من القرآن الكريم
واستوقفه قوله تعالى “وشاورهم في الأمر”. وفكر المدير في أنه لا يسمح لأحد من مرؤوسيه بأن يقترح فكرة وإن سمح له فإنه يزدري فكرته ولا يلقي لها بالا. وفكر في اعتقاده بأنه الشخص الوحيد صاحب الرأي السديد. وقال في نفسه أين أنا من النبي صلى الله عليه وسلم والله يقول له “وشاورهم في الأمر”. تأثر المدير كثيرا وانسكبت منه دمعة على حاله.
وفي اليوم التالي ذهب المدير لعمله وقرر أن يستمع للعاملين والمرؤوسين ويعطيهم فرص للمشاركة بفكرهم ورأيهم. تغير المدير وأصبح يحب أن يتلقى الأفكار ممن حوله وهو لا ينسى اليوم الذي تعلم فيه ذلك.
وقف المدير يصلي القيام في خامس ليلة من رمضان واستمع لخامس جزء من القرآن الكريم
واستوقفه قوله تعالى “إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها”. وفكر المدير في أنه بعيد عن خلق الأمانة فهو يصف منتج شركته بما ليس فيه ويصور للعملاء المنتج على أنه عالي الجودة وهو ليس كذلك. وفكر المدير في عمولات تقاضاها من العملاء بدون علم رؤسائه وأحس بأنه خائن للأمانة. تأثر المدير كثيرا وانسكبت منه دمعة على حاله.
وفي اليوم التالي ذهب المدير لعمله وقرر أن يغير من أسلوبه وأن يكون أمينا مع العملاء ومع رؤسائه ومع شركته. أصبح المدير يصف منتجه بأمانة وأصبح حريصا في تعاملاته حتى أنه توقف عن تلقي أي هدايا في العمل.
وقف المدير يصلي القيام في سادس ليلة من رمضان واستمع لسادس جزء من القرآن الكريم
واستوقفه قوله تعالى “ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا”. وتذكر المدير كيف أنه انتقم من زملائه السابقين عندما أصبح مديرهم وعاقبهم بسبب خلافات شخصية قديمة. وتذكر أيضا كيف ظلمهم في التقييم السنوي والترقيات وكيف أنه كان يشعر بالسعادة وهو يفعل ذلك. وارتعد المدير خوفا من أنه ظلم الناس ولم يعدل وفعل خلاف ما أمر الله . تأثر المدير كثيرا وانسكبت منه دمعة على حاله.
وفي اليوم التالي ذهب المدير لعمله وقرر أن يكون العدل هو غايته وألا يجعل للهوى الشخصي سلطانا على حكمه على أداء المرؤوسين. وأصبح هذا المدير يأخذ وقتا طويلا عند تقييم العاملين ويأخذ وقتا طويلا عندما يبحث عمن يستحق الترقية لحرصه على اتخاذ القرار السليم والعادل بعيدا عن الأهواء الشخصية. ومع ذلك ظل معه حزن لعدم قدرته على إصلاح ما فعله في السابق.
وقف المدير يصلي القيام في سابع ليلة من رمضان واستمع لسابع جزء من القرآن الكريم
واستوقفه قوله تعالى “ويعلم ما في البر البحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها”. وفكر المدير في أنه يُصور لرؤسائه أن الأمور تسير سيرا رائعا وفي الواقع فهناك مشاكل كثيرة يخفيها وفواقد كثيرة تستهلك موارد المؤسسة. وقال المدير في نفسه: أخفيت المشاكل عن رؤسائي ونسيت أن الله يعلم ما في البر والبحر، ماذا أقول لله حين يسألني عن ذلك؟. واغتم المدير وحزن على نفسه وعلى فعاله. تأثر المدير كثيرا وانسكبت منه دمعة على حاله.
وفي اليوم التالي ذهب المدير لعمله وقرر ألا يترك مشكلة إلا وحاول أن يحلها وألا يترك فواقد إلا وحاول التخلص منها. وقرر كذلك أن يكون أمينا مع رؤسائه فلا يخفي المشاكل ولا يُغير الحقائق. وأصبحت تقاريره مطابقة للواقع وأصبح مشغولا جدا فهو دائما يبحث عن المشاكل ليحلها.
وقف المدير يصلي القيام في ثامن ليلة من رمضان واستمع لثامن جزء من القرآن الكريم
واستوقفه قوله تعالى “ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها”. وتذكر المدير الفساد اليومي للبيئة الذي يقوم بالإشراف عليه. وتذكر كيف يخدع مفتشي البيئة ويصور لهم أنه لا يلوث الهواء ولا الماء ولا الأرض وهو في الواقع يلوث كل هذه الأشياء. وقال في نفسه: أنا أفسد في الأرض بعد إصلاحها، أرى أن هذه الآية تنطبق عليّ. وتأثر المدير كثيرا وانسكبت منه دمعة على حاله.
وفي اليوم التالي ذهب المدير لعمله وقرر ألا يترك مشكلة خاصة بالبيئة إلا وحلها. وقال: لن أكذب بعد ذلك على مفتش البيئة ولن أخالف أي قانون للبيئة ولن أكون مفسدا في الأرض بعد اليوم. وقام المدير بإصلاح أنظمة الفلاتر (المرشحات) ومحطات معالجة المخلفات وقام بإعادة تدريب العاملين على التخلص الآمن من مخلفات التصنيع.
وقف المدير يصلي القيام في تاسع ليلة من رمضان واستمع لتاسع جزء من القرآن الكريم
واستوقفه قوله تعالى “يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله”. وتذكر المدير أنه في تلك الأيام كان يقوم بتدريب موظفين جدد وأهملهم أيما إهمال وتركهم يضيعون وقتهم في الأحاديث التافهة دون أن يعلمهم شيئا. وقال في نفسه إنني لم أقم بما عليّ وأهملت هؤلاء الموظفين الجدد ولو كانوا أبنائي ما أحببت أن يلقوا مثل هذه المعاملة، أين أنا من قول الرسول صلى الله عليه وسلم “لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه”. تأثر المدير كثيرا وانسكبت منه دمعة على حاله.
وفي اليوم التالي ذهب المدير لعمله وبدأ البرنامج التدريبي بمنتهى القوة وحرص على تعويض ما فات وإفادة هؤلاء الموظفين فنيا وإداريا ومساعدتهم على النهوض بمهامهم بكفاءة
وقف المدير يصلي القيام في عاشر ليلة من رمضان واستمع لعاشر جزء من القرآن الكريم
واستوقفه قوله تعالى في وصف المنافقين “يحلفون بالله لكم ليرضوكم والله ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين”. وتذكر المدير كيف أن همه دائما هو إرضاء مديره وليس إرضاء الله. وكيف أنه لا يهتم بعمل إلا لو كان سيهتم به مديره وإذا قام بعمل أو شارك في عمل فيكون كل اهتمامه أن يعلم بذلك مديره وأن يظن أنه يقوم بأعمال عظيمة. وتذكر المدير كيف أنه أهمل أعمالا كثيرة كان يمكن أن تفيد المؤسسة بشكل كبير نظرا لأنها ليست مما سيسمع به رؤساؤه. وقال المدير في نفسه: الله أحق أن أرضيه؟ الله أحق أن أرضيه؟. تأثر المدير كثيرا وانسكبت منه دمعة على حاله.
وفي اليوم التالي ذهب المدير لعمله وقرر أن يغير أسلوب في العمل فبدأ يهتم بتأثير أي عمل على المؤسسة ونجاحها بغض النظر عن علم مديره به؟ وتغير حاله فصارت مقاييسه لنجاحه في العمل هي سرعة وجودة العمل وكانت في الماضي مقدار وقوعه تحت الأضواء وثناء مديره عليه. بل وصل به الأمر أن أصدر استبيانا سنويا لكل المتعاملين مع إدارته لمعرفة مدى نجاحه في خدمتهم.
موضوعات ذات صلة:
أخلاقيات العمل والإدارة في الإسلام
جزاك الله خيرا من الممكن نشر المقال على مواقع اخرى باسم حضرتك
لا مانع مع ذكر المصدر…ا
جزاك الله خير الجزاء اريد ان اعرف متی يتم اتخاذ قرار التخلی عن معده من المعدات اوسيار ه عن طريق بيعها واستبدالها باخری او تخريدها
ربما تفيدك هذه المقالة
هناك أسباب فنية قد تؤدي لهذا القرار مثل أداء المعدة مقارنة بالتكنولوجيا الحديثة أو عدم توفر قطع غيار، وهناك أسباب مالية كما هو موضح في المقالة.
شكرا
مقاله رائعه جعلها الله فى ميزان حسناتك.
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
كنت دايما اتسايل كيف لنا ان نخدم ديننا ووطنا ؟ وان نساهم في جعل حياه الناس افضل ؟ كنت افكر في طلب العلم الشرعي فقط مع انني مهندس ! ..
الان عرفت كيف يمكن ان يكون المهندس المسلم خلقا والتزاما واعلم انه سيواجه صعوبات كتلك التي واجهها الصحابه وتلك التي واجهها العلما والمصلحون قديما وحديثا .. جزاك الله خير كثيرا فقدت فتحت لي ابواب الخير كلها وافهمتني انه من السهل جدا الالتزام بالعمل وفق معايير الاسلام .. شكرا
المهندس عبد المجيد
وعليكم السلام ورحمة اللخ وبركاته
جزاك الله خيرا على كلماتك الطيبة ولعل الله ينفع بك كثرا من الناسز
شكرا
قصة رائعة فيها الكثير من العظات والعبر لمن يريد أن يطبق القرآن الكريم عمليا وسنة نبينا عليه أفضل الصلاة والتسليم. ( نفعنا الله واياكم بكل خير )
شكرا جزيلا على روعة الطرح الراقي
فهم القران جميل واجمل مافيه التنفيذ لهذا الفهم جزاك الله خيرا وجعلنا من العاملين بما فى القران الكريم وكل عام وانت بخير
افضل كتابة في الادارة
حيث ربطها بتعليم القرآن فهو مصدر السعادة ان اتبعنا تعاليمه
الاسلام عليكم ورحمة الله وبركاته أ/ سامح
مقالة والله أكثر و أكثر من مفيدة ورائعة وهادفة ايضا
ان ما ينقصنا فى ايامنا هذه انعدام الضمير وسوء الاخلاق والسلوك وكذلك تقوى الله
كل هذا جعلنا نعيش وكأننا فى غابة ينهش بعضنا البعض ويكيد بعضنا لبعض ويفترى بعضنا على بعض ويظلم بعضنا البعض
اشكرك على هذا المجهود الكبير واتمنى لك التوفيق
الأستاذ محمود المنفي
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
شكرا على مشاركتك
جزاك الله كل خير
بسم الله الرحمن الرحيم
في الحقيقة قصة هذا المدير اكثر من رائعة ولكن المهم ان نكون نحن بني البشر علي قدر حمل الامانة لان ربنا سبحانه وتعالي حين عرض الامانة علي السموات والارض رفضوا حملها لكن الانسان بجهلة حملها كذلك لا ننسي ان كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته فهذه القيم النبيلة الطيبة التي علمنا اياه ديننا الحنف ينغي ان تجعلنا نفعل الذي فعله المدير بعد استمع لكل اجزاء القرآن الكريم .
فاذا التزمنا بتعاليم الدين الحنف بلغنا الغايات وسعدنا في الدنيا والاخرة ربنا يجعلنا واياكم من المهتدهين والهادين بإذنه تعالي الي الطريق القويم
الأستاذة أميرة
شكرا على تعليقك. فعلا لو اهتم كل منا بإصلاح نفسه لانصلح المجتمع
شكرا
في كل مقالة جديدة أقرأها لك أقول أنك تفوقت على نفسك و لا بد أن تكون هذه هي قمة الإنجاز و تستمر مسيرة العطاءو التميز
و لاأقول لك إلا جزاك الله خيرا ووفقني أسير على خطاك
الأستاذ Shekry
شكرا لك على كلماتك الرقيقة وربنا يجعلني وإياك من الصالحين.
شكرا
جزاك الله خير الجزاء
الأستاذ محمد عون
جميل أنك مازلت متابعا لهذه المدونة
شكرا
موضوع جميل لكن هل اكتفى المدير بصلاة العشر الأوائل من رمضان ومادا وقع بعد صلاة ليلة القدر ……إدا فللموضوع بقية
الأستاذ RFAKI
شكرا على تعليقك. نعم للموضوع بقية لاستكمال اللليالي العشرين الباقية
شكرا
ماشاء الله -الله اكبر
حضرتك اخير من قرات لهم
جزاكم الله خيرااا
الأستاذ محمد الكافوري
شكرا على تعليقك
ليتني كنت أنا المدير
(إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم)
قصة رائعة بحق وتحمل كثيراً من المعاني السامية
وإشعار النفس بالتقصير يعين على إتقان العمل
أُكبِرُ عقل كاتب هذه التدوينة 🙂 ..
الأستاذ محمد الصويغ
شكرا على تعليقك واهتمامك بهذه المقالة