بعد أن استعرضنا في المقالة السابقة الخصائص المختلفة للطوابير، نبدأ في هذه المقالة في تحليل الحالات المختلفة للطوابير فنتعرف على كيفية حساب طول الطابور وزمن الانتظار، ونناقش بعض الأمثلة التطبيقية على هذه الحالات.
1- قناة واحدة للخدمة – مرحلة واحدة – زمن خدمة يتبع التوزيع الأسي:
هذه هي أبسط الحالات، طابور واحد ينتهي بمقدم الخدمة الذي يقدم الخدمة كاملة أي أنه لا توجد مرحلة أخرى. هذه الحالة شائعة جدا سواء في البنوك أو الأسواق المزدحمة أو جهات استخراج مستندات رسمية. نفترض في هذه الحالة نفترض أن وصول العملاء في وحدة الزمن (ثانية او دقيقة أو ساعة..) يتبع توزيع بوسون، كما نفترض أن زمن الخدمة يتبع التوزيع الأسي، كما نفترض أن الخدمة بأسبقية الوصول، وأخيرا نفترض أن مصدر طالبي الخدمة لا نهائي وأن طول الطابور غير محدود.
نستخدم في نظرية الطوابير Queueing Theory مجموعة من الرموز في المعادلات وهي مبينة في الشكل أدناه، وهذه الرموز هي من اختياري لأنني لم أجد رموزا شائعة عن هذا الموضوع باللغة العربية، وقد وضعتُ الرمز الإنجليزي المعتاد على يسار كل سطر.
عند دراسة أي عملية انتظار فلابد أن نعرف معلومتين هما: معدل الوصول (ص) ومعدل الخدمة (خ)، معدل الوصول قد يكون 30 عميلا في الساعة، ومعدل الخدمة قد يكون 45 عميلا في الساعة. يمكننا لأي حالة حقيقية أن نحسب عدد العملاء الذين يحضرون في يوم كامل وبالتالي يمكننا حساب العدد المتوسط للعملاء الذين يحضرون في الساعة، كما يمكننا حساب الزمن المتوسط للخدمة وذلك بحساب زمن الخدمة لمجموعة كبيرة من العملاء ثم قسمة الرقم على عدد هؤلاء العملاء. معدل الخدمة = ( 1÷ زمن الخدمة)، فإذا كان زمن الخدمة المتوسط هو 3 دقائق فإن معدل الخدمة هو 1/3 عميل كل دقيقية أو 20 عميل كل ساعة. لاحظ أن زمن الخدمة يُقصَد به زمن الخدمة الذي لا يشمل أي انتظار أي الزمن الذي يقضيه العميل أثناء عملية الخدمة ذاتها.
قد نحتاج أن نحسب احتمالية وجود عدد ما من العملاء في منظومة الخدمة ولذلك نستخدم الرمز ح ن للدلالة على احتمالية وجود عدد ن من العملاء في منظومة الخدمة. ويقصد بمنظومة الخدمة طابور الانتظار وعملية الخدمة نفسها.
تمكننا نظرية الطوابير من حساب عدد العملاء المتوسط في الطابور ط ط والعدد المتوسط الكلي للعملاء في منظومة الخدمة طك. كما تمكننا من حساب متوسط وقت الخدمة الكلي وك ومتوسط وقت الانتظار أو وقت الطابور و ط. وأخيرا يمكننا حساب نسبة انشغال مقدم الخدمة غ أي نسبة الوقت الذي يكون مشغولا فيه إلى وقت العمل الكلي.
وهذه هي المعادلات الخاصة بحالتنا:
هذه المعادلات لها استنتاجات طويلة لن نخوض فيها هنا، ولكننا سنحاول كمهندسين صناعيين أو مديرين أن نستفيد منها. ماذا تلاحظ في المعادلات؟ إنها تبدو بسيطة وهي كلها تعتمد على المتغيرين ص وخ. دعنا نرى مثالا.
مثال: افترض أن مركزا يقدم خدمة توثيق الشهادات العلمية، ويستغرق توثيق الشهادة في المتوسط خمس دقائق (تخضع للتوزيع الأسي)، ويصل لهذا المركز في المتوسط 9 عملاء في الساعة (تخضع لتوزيع بوسون). ما هو متوسط عدد العملاء داخل مركز الخدمة، وما هو وقت الانتظار، وما هي احتمالية عدم وجود أي عميل داخل مركز الخدمة؟
ص = 9 عميل/ساعة
خ= 1/5 عميل/دقيقة = 60/5 = 12 عميل في الساعة
احتمالية عدم وجود أي عميل = 1- (9÷12)= 0.25= 25%
عدد العملاء المتوسط داخل منظومة الخدمة = 9÷(12-9) = 9÷3 = 3 عميل
عدد العملاء المتوسط في الطابور= 9*9 ÷ (12 *(12-9))= 81 ÷ 36 = 2.25 عميل
متوسط الوقت الكلي الذي يقضيه العميل في المنظومة = 1 ÷ (12 – 9)= 1/3= 0.33 ساعة = 20 دقيقة
متوسط وقت الانتظار = 9 ÷( 12 *(12-9) )= 9/36 = 0.25 ساعة = 15 دقيقة
احتمالية انشغال مقدم الخدمة = 9 ÷ 12 = 0.75= 75%
نظرية الطوابير ليست مجرد عملية حسابية ولكنها مرتبطة ارتباطا وثيقا بالقرارات الإدارية، فنحن وجدنا أن متوسط طول الطابور هو 2.25 عميل وربما كان ذلك مقبولا، ولكن وقت الانتظار هو 15 دقيقة قد لا تقبله إدارة المؤسسة. ماذا نفعل لنقلل زمن الانتظار؟ إما أن نزيد عدد مقدمي الخدمة إلى اثنين وهذا يقودنا لحالة أخرى من حالات نظرية الطوابير، أو نحاول تقليل زمن الخدمة نفسها عن طريق تحليل أسلوب تقديم الخدمة ومحاولة تقليل زمن كل خطوة. افترض أننا استطعنا الوصول لزمن خدمة يساوي 4.5 دقيقة بدلا من 5 دقائق، ما هو تأثير ذلك على وقت الانتظار؟
ص = 9 عميل/ساعة
خ= 1/4.5 عميل/دقيقة = 60/4.5 = 13.3 عميل في الساعة
متوسط وقت الانتظار = 9 ÷( 13.3 *(13.3-9) )= 9/57.3= 0.16 ساعة = 9.4 دقيقة
لقد انخفض وقت الانتظار من 15 دقيقة إلى 9.4 دقيقة لمجرد تقليل زمن الخدمة بمقدار نصف دقيقة، أو لقد انخفض وقت الانتظار بمقدار 30% لمجرد تقليل زمن الخدمة بمقدار 10% فقط. هذا يبين لنا أمرا مهما وهو أن تقليل زمن الخدمة بمقدار بسيط يؤدي إلى تقصير وقت الانتظار بمقدار كبير. وهذا يوضح الأهمية الكبيرة لتدريب الموظفين مقدمي الخدمة لأن مجرد زيادة بسيطة في زمن الخدمة تؤدي لزيادة كبيرة في وقت الانتظار. وهذا يفسر لك ما الذي يحدث في السوق التجاري عند وجود أكثر من موظف يقوم بحساب واستلام ثمن المشتروات، فعندما يكون أحدهما قليل الخبرة تجد ان الطابور الذي أمامه يسير ببطء شديد على الرغم من أن الموظف لا يبدو بطيئا بنفس القدر.
دعنا نستخدم هذه المعادلات لكي نرسم العلاقة بين زمن الخدمة وطول الطابور وزمن الانتظار على اعتبار ثبات معدل الوصول عند 9 عملاء في الساعة.
الرسم أعلاه يبين لنا أن طول الطابور يزداد مع زيادة زمن الخدمة، ولكن هذه الزيادة تكون كبيرة جدا عند زيادة زمن الخدمة من 6.0 إلى 6.5 دقيقة حيث يزداد طول الطابور من 8 إلى 38 عميلا أي حوالي خمسة أضعاف. هذا يبين أن تغييرا طفيفا في زمن الخدمة وقت الازدحام يكون له تأثير كبير. والعلاقة بين زمن الانتظار وزمن الخدمة لا تختلف عن سابقتها كما بالشكل أدناه.
والآن دعنا نستبعد النقطة الخاصة بزمن الخدمة 6.5 دقيقة لكي نرى تفاصيل باقي المنحنى. يمكننا أن نستخدم المنحنى لحساب زمن الخدمة المطلوب تحقيقه لكي يكون زمن الانتظار أقل من قيمة محددة ترتضيها إدارة المؤسسة، فإذا أردنا أن يكون زمن الانتظار أقل من 6 دقائق فلابد أن يكون زمن الخدمة أقل من 4 دقائق، وإذا أردنا ألا يزيد عدد المنتظرين عن واحد فقط فلابد أن يكون زمن الخدمة أقل من 4 دقائق وهكذا.
ولكن ألا يمكننا تغيير معدل الوصول؟ من المعتاد أن يكون الرد نعم لا يمكننا، ولكن في الحقيقة يمكننا التأثير على معدل الوصول. إذا كان بإمكاننا خدمة بعض العملاء تليفونيا أو عن طريق الإنترنت فإن عددا من العملاء لن يأتي لمقر الخدمة وبالتالي سيقل عدد العملاء الكلي الذي يأتي لمقر الخدمة أي أننا سنقلل معدل الوصول. وإذا كنا ندرس فترة الازدحام اليومية أو الموسمية فإنه يمكننا التأثير على العملاء للحضور في فترة عدم الازدحام أو قبل بداية الموسم وذلك بتقديم تخفيضات. ويمكننا تقليل معدل الوصول كذلك بزيادة ساعات العمل من 12 إلى 13 ساعة على سبيل المثال، فيتم توزيع نفس عدد العملاء على 13 ساعة بدلا من 12 فيقل معدل الوصول في الساعة.
يمكننا استخدام نفس المعادلات لرسم العلاقة بين معدل الوصول وطول الطابور وزمن الانتظار على اعتبار ثبات زمن الخدمة عند 5 دقائق، كما بالشكل أدناه. يمكننا استخدام المنحنى لدراسة تأثير تقليل معدل الوصول على كل من طول الطابور وزمن الانتظار.
كما ترى فإن استخدام نظرية الطوابير يجعلنا نأخذ قرارات واعية لتقليل زمن الانتظار وطول الطوابير. دعنا نختتم هذه الحالة بمثال آخر.
مثال: افترض أن جزارا يعمل وحده، ويأتي لهذا الجزار 80 عميلا خلال ساعات العمل العشر، وقد تابع الزمن الذي يحتاجه هو لخدمة كل عميل فوجده في المتوسط 6 دقائق. وقد لاحظ وجود انتظار من آن لآخر، وهو يريد أن يعرف تأثير توظيف مساعد له بحيث يصل زمن الخدمة لخمس دقائق فقط.
ص = 80 ÷ 10 = 8 عميل/ساعة
خ= 1/6 عميل/دقيقة = 60/6 = 10 عميل في الساعة
احتمالية عدم وجود أي عميل = 1- (8÷10)= 0.2= 20%
عدد العملاء المتوسط داخل منظومة الخدمة = 8÷(10-8) = 8÷2 = 4 عميل
عدد العملاء المتوسط في الطابور= 8*8 ÷ (10 *(10-8))= 64 ÷ 20 = 3.2 عميل
متوسط الوقت الكلي الذي يقضيه العميل في المنظومة = 1 ÷ (10 – 8)= 1/2= 0.5 ساعة = 30 دقيقة
متوسط وقت الانتظار = 8 ÷( 10 *(10-8) )= 8/20 = 0.4 ساعة = 24 دقيقة
احتمالية انشغال مقدم الخدمة = 8 ÷ 10 = 0.8= 80%
لاحظ انه في 20% من الوقت فقط لا يوجد أي عميل ينتظر، وأن متوسط طول الطابور هو 3.2 عميل، وان زمن الانتظار هو 24 دقيقة.
في حالة زمن خدمة 5 دقائق فإن معدل الخدمة سيساوي 12 عميل في الساعة، وباستخدام المعادلات نجد ان:
عدد العملاء المتوسط في الطابور= 8*8 ÷ (12 *(12-8))= 64 ÷ 48 = 1.33 عميل
متوسط الوقت الكلي الذي يقضيه العميل في المنظومة = 1 ÷ (12 – 8)= 1/4= 0.25 ساعة = 15 دقيقة
متوسط وقت الانتظار = 8 ÷( 12 *(12-8) )= 8/48 = 1/6 ساعة = 10 دقائق
احتمالية عدم وجود أي عميل = 1- (8÷12)=0.33= 33%
تبدو الأمور أفضل كثيرا من الوضع السابق حيث قل طول الطابور وزمن الانتظار لأقل من النصف، وصار أكثر من 30 % من وقت العمل بدون انتظار.
في المقالات التالية بمشيئة الله تعالى نتعرف على حالات أخرى من حالات نظرية الطوابير. وإلى ذلك الحين حاول أن تستخدم نظرية الطوابير في أي حال تمر بها في العمل.
mr sameh how r you i am in the us now since30 oct the country is nice but it is not easy to get a job
الأستاذ مصطفى
مما لا شك فيه أن تجربة الهجرة لبلد آخر تحتاج الكثير من الجهد والصبر وقوة التحمل خاصة في بداية الطريق. أدعو الله لك بالتوفيق والنجاح في أي مكان.
شكرا
شرح رائع أستاذي
أرجوا الإبقاء على المعادلات بالرموز اللاتينية حتى تسهل عملية موافقتها لما ندرس مشكورا
المهندس عبد الله
هذا أمر فكرتُ فيه بالفعل ولكنني حريص على وجود المادة باللغة العربية كاملة لأنه يوما ما علينا أن نستخدم لغتنا في كل العلوم.
وعلى الرغم من ذلك فإنني ربما أقوم بتدوين المعادلات بالرموز اللاتينية لاحقا عندما أقوم بتجميع هذه المقالات في ملف واحد.
شكرا
السلام عليكم
استاذ / سامح
عندي بحث عن التحفيز ورضا الموظفين
كل الذي اريده هو اهداف التحفيز
واهم نقطة هي ذكر المرجع حتى ارفقه مع البحث
وشكرا
الأستاذ أبو حازم
هناك عدة مقالات منشورة في هذا الموقع عن التحفيز فبرجاء الاطلاع عليها:
https://samehar.wordpress.com/2008/05/03/a010508/
https://samehar.wordpress.com/2008/05/10/a040508/
https://samehar.wordpress.com/2008/05/17/090508/
شكرا
جزاك الله خيرا على هذا التدوينة المتميزة والفريدة
في كل مرة نتعلم منك شيء جديد
شكرا واتمنى ان تستمر
الأستاذ عبد اللطيف
شكرا على هذا التشجيع ةعلى متابعتك لهذا الموقع
شكرا جزيلا على هذه المعلومات المفيدة … جزاكم الله خيرا .
شكرا على الموضوع انا درست هذه النظرية في مادة الهندسة الصناعية لكن لم نتطرق الى التفاصيل الرياضية الموضوع شيق و تعرفت الى تفاصيل اكثر تسلم استاذ سامح
شكرا
المعذرة ,, نسيت تباريك العيد. كل سنة وانت طيب يابشمهندس ولك الود.
كل عام وأأنت بخيروصحة وعافية
يذكرنى هذا المقال بتجربة واقعية . كنت أعمل متسوقاً متخفياً لبعض الشركات وكان اغلب المهام التى اقوم بها هى زيارة محلات الوجبات السريعة (علامات تجارية عالمية) وكان المطلوب دايماً بجانب كتابة التقرير الكيفي ادراج قياس الازمان التالية:
1- زمن وصول الى اول الطابور الى ان اقوم بالطلب وان يعلن البائع قيمة الطلبات (الطلبات محدد سلفاً دائماً) وهو زمن الانتظار
2- الزمن منذ اعلان البائع القيمة الى استلام الطلبات كاملة (زمن الخدمة)
3- مجموع الزمن 1 و 2 (الزمن الكلى للخدمة)
بالاضافة الى كميات اخره مثل عدد الموجودين بالصف , عدد النوافذ (البايعيين) المفتوحه للبيع.
المهندس محمد
مشاركة مفيدة. شكرا على إثراء الموضوع.