ناقشت سابقا أهمية ابتكار منتجات وخدمات جديدة ووسائل زيادة القدرة الابتكارية. أود أن أناقش الأمور التي تعوق قدرتنا على ورغبتنا في ابتكار منتجات جديدة أو خدمات جديدة مثل:عدم القدرة على النظر للأمور في صورة جديدة: الاعتياد على رؤية الشيء يجعل تصور تغيير هذا الشيء صعبا على بعض الناس. لكي تطور أي منتج أو خدمة يجب أن تحرر فكرك من التصور الحالي وأن تنظر إلى احتياجات العملاء الحالية والممكنة. فمثلا:
بدلا من أن تفكر أن العميل يحتاج أن يشتري سندوتش فول من مطعم الفول
عليك أن تفكر أن العميل يريد أن يأكل فول
العبارة الأولى تجعلك تحدد فكرك في مطعم الفول المعتاد، أما العبارة الثانية فتجعلك تفكر في إيصال الفول إلى العميل بطريقة سهلة وبالتالي قد تفكر أن يأتي العميل لشراء السندوتش أو أن نرسله إليه في المنزل أو أن نرسله له في مكان عمله أو أن نبيعه الفول عن طريق ماكينات العملة (التي تستخدم لبيع المشروبات الغازية). وبما أن العميل يريد أن يأكل فول فعلينا أن نفكر ما هي أفضل صورة لأكل الفول. بالطبع السندوتش هو أحد الاحتمالات ولكن ليس هذا هو الاحتمال الوحيد فيمكن أن نعطي العميل الفول في صور أخرى.
كنت أناقش هذا الأمر مع صديق لي فأعطاني مثال عملي. قال لي أن شخص ما ابتكر مشروع رائع لبيع الشاي وهو أنه استخدم عربة يدوية يقف بها في طريق عربات النقل بالأجرة ويسخن عليها الشاي. حينما يريد سائق سيارة أجرة أن يشرب شاي فإنه لا يحتاج إلى النزول عند أحد المقاهي ولكنه يمر بجانبه فيعطيه الشاي. هذا الشخص فكر في تلبية احتياجات السائق الأصلية وهي شرب الشاي بأيسر طريقة ولم يفكر في احتياج السائق في شراء شاي من المقهى.
كذلك هناك مثال ناجح جدا وهو محلات الحلاقة للأطفال. فعلى الرغم من وجود محلات الحلاقة للرجال والأطفال منذ زمن بعيد فإن فكرة محل حلاقة متخصص للأطفال نجحت لأنها ركزت على تلبية احتياجات الطفل والتي تختلف عن احتياجات الرجال. هناك امثلة أخرى مثل استخدام السيارة نصف نقل كمكان لبيع سندونشات أو لبيع كتب.
عدم الرغبة في المخاطرة: حين تبيع نفس الخدمة التي يبيعها الآخرون فأنت تتوقع أن يكون ربحك مماثلا لأرباحهم أما حين تأتي بخدمة جديدة فإما أن يكون ربحك أعلى من أرباحهم أو أن تفشل الفكرة ولا تحقق نجاحا. لذلك قد ترغب في أن تفعل ما يفعله الآخرون. هذا تفكير يعيبه أمران. أولا للوصول إلى أقل مخاطرة فعليك أن تبقي أموالك في مكان أمين ولا تستثمرها. أنت تعلم أنك يجب أن تقبل بعض المخاطرة في سبيل الحصول على ربح أعلى ولهذا قررت أن تستثمر بدلا من أن تحتفظ بالمال في مكان أمين. ثانيا: يمكنك تقليل حجم المخاطرة عن طريق دراسة انطباع العملاء عن خدمتك الجديدة وهذا يسمى اختبار السوق. فلو افترضنا أن مشروعك قائم فمن السهل أن تعرض الخدمة الجديدة على العملاء كفكرة وتسألهم عن رأيهم أو أن تقدمها بالفعل وترى رد الفعل. أما إن كنت لم تبدأ المشروع بعد فيمكنك أن تحاول الوصول إلى بعض العملاء المحتملين وهذا قد يكون سهلا في كثير من الأحيان. فمثلا عملاء مطعم الفول هم أصدقاؤك وأقاربك، عملاء محل الأدوات المكتبية هم كذلك كثير من معارفك.
عدم وجود حِس اقتصادي وتجاري: عدم التطوير يؤدي إلى سهولة دخول منافسين وبالتالي زيادة العرض وبالتالي انخفاض السعر وانخفاض حصتك من السوق. أما إن قدمت خدمة متطورة فتكون قدرتك التنافسية أعلى وحصتك من السوق أعلى وتكون كأنك تقدم خدمة/منتج مختلف عن الآخرين. تكون الأمور أفضل لو استطعت تلبية احتياجات طائفة من العملاء الذين لم يكونون يستخدمون هذا المنتج من قبل لأن المعروض لا يناسب احتياجاتهم.
أسلوب التعليم المبني على التلقين والتقليد: عندما تعتاد أن تستمع وتقلد ولا تفكر فإن هذا يقتل فيك روح المبادرة والإبداع بل والقدرة على اتخاذ القرارات. حين تعتاد في الدراسة أن تنقل الواجبات من الزملاء وأن تعد بحوثا وتقارير ما هي إلا مقالات منقولة من الشبكة الدولية فإن قدرتك على الإبداع تضعف وثقتك في أنك قادر على أن تأتي بجديد تصبح متدهورة.
عدم توفر معلومات: مع الأسف توجد صعوبة كبيرة في الحصول على معلومات عن حجم السوق وما تم بيعه من منتج ما في الأعوام السابقة والأرباح التي تحققت. في دول أكثر تقدما تكون هذه المعلومات متاحة بشكل يسير حتى أنك قد تحصل عليها من الشبكة الدولية أحيانا. هذه يلقي على المستثمر مسئولية تجميع بيانات. على الرغم من صعوبة ذلك فإنه يمكنك استخدام أسلوب العينات العشوائية والتي قد تعطيك أرقام تقريبية عن استخدام منتج ما أو خدمة ما. كذلك قد يكون أحد العاملين في هذا المجال من معارفك ولديه الرغبة في التعاون معك فتحصل منه على معلومات عن طبيعة السوق وحجم الطلب.
رفض الناس للتعاون مع بحوث التسويق أو إعطاء بيانات: إن استوقفك أحد في الطريق بحجة القيام ببحث تسويقي فلن تستجيب له لسببين: أولا: قد تكون قد استوقفت من قبل بحجة أنك ستحصل على هدية ثم وجدت أن الأمر مختلف وأنهم أضاعوا وقتك ليعرضوا عليك منتج ما وفي الأغلب يكون مرتبطا بالسياحة عن طريق التملك المشترك. ثانيا: لأننا لا نقدر أهمية بحوث التسويق، فعندما أرفض أنا وأنت أن نشارك في بحوث التسويق فإن المستثمر لن يستطيع اختبار فكرته أو منتجه وقد لا يبدأ المشروع أصلا مما يعود علينا جميعا بقلة فرص العمل، وقد يبدأ المشروع ثم يفشل نتيجة لأنه لم يستطع أن يختبر المنتج مسبقا مما يؤدي إلى خسارته وعدم رغبته في المخاطرة مرة أخرى وفقدان موظفين لعملهم. وبالتالي فعليك أن تستخدم وسائل للحصول على معلومات من العملاء تجعلهم يتعاونون معك. أن أتعجب من أن المحلات الكبيرة التي أرتادها لشراء لوازم المنزل أو ملابس أو ما شابه لا تسألني أبدا عن رأيي في الخدمة وعن الأشياء التي أفتقدها عندهم.
الاستسهال: عدم الرغبة في بذل مجهود لدراسة المشروع وربما عدم تصور أن هناك حاجة لبذل جهد في دراسة المشروع.
التعقيدات الإدارية لبداية المشروع: وجود تعقيدات إدارية والاحتياج إلى وقت طويل لبداية المشروع تقتل الرغبة في الابتكار لأن ذهن المستثمر وعقله مشغولون بالتغلب على العقبات الإدارية. لذلك فإن تيسير الإجراءات الروتينية لإنشاء شركة أو ترخيص محل أمر يساعد على الابتكار.
وجود أمثلة فاشلة: عندما ترى أمثلة لمشاريع مبتكرة قد فشلت فقد تتخوف من أن تحذو حذوهم. ولكن هل لم تسمع عن مشاريع تقليدية فشلت أيضا. كذلك فإن أحد أسباب فشل المشاريع المبتكرة هو عدم اختبار السوق واعتقاد المستثمر أنه بما أن الفكرة أعجبته فإنها لابد أن تكون موضع إعجاب العملاء وهذا خطأ عظيم فأنت لا تمثل العملاء والعملاء تفكيرهم يختلف عن تفكيرك.
صعوبة تمويل مشاريع ابتكارية: قد تجد صعوبة في إقناع آخرين بالاشتراك معك في مشروع ابتكاري نظرا لسيطرة الخوف من المخاطرة والاعتقاد الخاطئ بأن تقليد مشاريع قائمة هو الشيء المضمون. يمكن مواجهة هذه المشكلة باختبار السوق والتحدث مع عملاء محتملين وعرض هذه النتائج على الممولين مما يعطيهم ثقة في المشروع.
صعوبة التعاون مع مؤسسات أخرى: قد يتطلب الابتكار تصنيع شيء ما ونظرا لجو عدم الثقة وصعوبة التعاون مع مؤسسات أخرى لتصنيع هذه الأجزاء لك بالجودة والمواعيد المناسبة فقد تجد انه عليك تصنيعها بنفسك أو أن تتجنب الابتكار وتبيع المنتجات الموجودة بالفعل.
هل تعرف أسبابا أخرى لهذه المشكلة؟
صفحات أخرى:
يوميات مدير -20: مبادئ التحسين المستمر Kaizen
يوميات اليابان- تويوتا تتحجث عن نفسها: التحسين المستمر والتنميط
أعتقد أن افتقادنا لحرية التفكير والتعبير قد قتل فينا روح الابتكار والإبداع…
كما أن غياب المؤسسات النزيهة والمستقلة التي تحمي الملكية الفكرية ساهم كثيراً في تخلفنا عن هذا الركب…
إن أمتنا تعج بأصحاب الكفاءات والأفكار الإبداعية.. ولكنهم آثروا الإنزواء والإنطواء والإنكفاء على انفسهم.. طلباً للسلامة وخوفاً من المجهول..
أو الهروب إلى الغرب ليساهموا في صنع حضارته ومجده.. وكأن هناك من يدعونهم دعاً ويسوقونهم سوقاً إلى الهجرة والهروب… خدمات مجانية ببعض البقشيش..
فلا ابتكار ولا ابداع بدون حرية وأمان وتحفيز…
جزاك الله خيرا اخي الكريم
جزاك الله خيرا علي المجهود الرائع وأحب اسألك عن موضوع الملابس الجاهزة .انا كنت اقوم بتصنيع قميص رجالي ولكن انا افكر الان في التسويق والبعد عن التصنيع ولكن تواجهني مشاكل وهي عدم خبرتي بالتعامل المادي سواء في شكل نقدي او شيكات وخاصة ان معظم العملاء اقصد اصحاب البوتيكات يتعاملون عن طريق شيكات فكيف اضمن حقي وكيف اوجد نظام دفع مناسب لي وللعميل
الأستاذ محمد
مع الأسف لست خبيرا في مثل هذه الأمور
شكرا
جمعك الله
merci pq
الأستاذة هالة
شكرا
من أنت
ربنا يبارك فيك هذا أجمل ما قرات اليوم . شكرا.
شكرا كثيرا علي هذا المقال ورغم أنني بعيدة تماما عن مجال الأدارة أو التوسيق ولكنه أعطاني خلفية جيدة و معلومات هامة في حالة تفكيري في القيام بالاستثمار في أي مشروع صغير … و الأجمل في المقال الحقيقة أنه محدد فيه أسس علمية ليتنا نتبع التفكير والخطوات العلمية في جميع أمور حياتنا … ولكم جزيل الشكر
جزالكم الله خيرا عن جميع القراء واتمنى ان يكون نفس الموضوع لمشروعات الخدمات كالرعايه الصحيه
أنت راااااااااااااااااااااااائع,, بإختصار أنت ساعدتني بفهم موضوع بمادة عندي بالجامعة,, وعندي وظيفة فيه,,
جزاك الله خيرا
شكرن على هذه المعلومات المهمه
نتمنى المزيد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نشكر لكم جهدكم القيم في اثراء المواضيع والمساهمة في التطوير الفكري والتنوير العقلي
من أهم العوامل أيضا من وجهة نظري المتواضعة عدم الثقة بالنفس وعدم الاستعانة بالله وعدم صلاة الاستخارة قبل بدء التنفيذ.
كذلك السماع لآراء الآخرين التي غالبا ما تكون خاطئة خاصة من الذين ليس لهم خبرة في هذا المجال.
يجب على الانسان أن يستعين بذوي الخبرة ولا يجعل شخص معين دائما هو مستشاره في كل المواضيع حتى وإن كان لا يفهم فيها لأن من له خبرة في الحياة الاجتماعية ليس من الضروري أن يكون له خبرة في الحياة التجارية..وهكذا
وفقكم الله .. المقال أعجبني جدا
جزاكم الله خيرا